الذكاء الاصطناعي والمقاطع المفبركة- وعي المجتمع ضرورة!

المؤلف: خالد السليمان11.20.2025
الذكاء الاصطناعي والمقاطع المفبركة- وعي المجتمع ضرورة!

اطلعت عبر تطبيق «الواتس اب» على تسجيل مرئي للزميل العزيز عبدالإله العسكر يجري حواراً مع أحد الأشخاص بهدف الدعاية لمنتج يدّعي علاج أوجاع الركبة، وشعرت بالدهشة والاستغراب الشديدين، فالزميل القدير قد توقف عن تقديم البرامج الحوارية التلفزيونية منذ فترة ليست بالقصيرة، بالإضافة إلى أن طبيعة الموضوع تختلف كلياً عن نوعية الموضوعات التي كان يناقشها في برنامجه السابق الذي اعتاده جمهوره!

على الفور، قمت بالتواصل معه، وكنت على يقين بأن المقطع المصور مُركّب ومُفبرك بالكامل، وبدأت حديثي معه مازحاً، طالباً منه أن يقوم بحجز علبتين من هذا المنتج الخارق لي، فما كان منه إلا أن ردّ ضاحكاً ومستغرباً، موضحاً أن المقطع الصوتي والمرئي قد صُمم بالكامل وباحترافية عالية بواسطة تقنيات الذكاء الاصطناعي المتطورة، الأمر الذي منح بعض الأصدقاء المقربين فرصة للدخول معه في نقاشات جانبية مليئة بالمزاح والدعابة، إلا أنه في الوقت نفسه يعتبر مؤشراً بالغ الخطورة على إمكانية استغلال التكنولوجيا الرقمية المتقدمة في تصميم وفبركة وتركيب المقاطع المصورة والأصوات المسموعة بطرق غير مشروعة!

لقد أصبح من الأهمية بمكان أن نتمعن ونتأمل ملياً في كل مقطع فيديو أو تسجيل صوتي يصل إلينا، خصوصاً تلك المقاطع التي تبدو غير مألوفة أو تثير الشكوك والريبة، وذلك بهدف التحقق والتدقيق من مدى صحتها ومصداقيتها قبل أن نطلق الأحكام جزافاً أو نوجه الانتقادات اللاذعة للمحتوى أو للأشخاص الظاهرين فيه، لذا يجب علينا ألا نتسرع في إساءة الظن بالآخرين، وأن نتحقق أولاً وبشكل كامل من صحة وموثوقية هذه المقاطع المنتشرة!

ففي مقطع الفيديو الخاص بالزميل العسكر، نجد ترويجاً لمنتج علاجي قد يحمل في طياته أضراراً جسيمة على صحة الإنسان، وفي تسجيلات أخرى، قد يلجأ بعض الأفراد إلى تلفيق مواقف وآراء اجتماعية منحرفة أو سياسية معادية ونسبتها إلى أشخاص آخرين بهدف إيقاعهم في مواقف محرجة ومسيئة أمام المجتمع بأكمله، وكذلك أمام الجهات الأمنية المختصة والسلطات القضائية العليا!

إن استخدام الذكاء الاصطناعي في تصميم وإنشاء المشاهد والأصوات المقلدة أصبح شائعاً ومنتشراً على نطاق واسع في الآونة الأخيرة، حيث يقوم البعض باستخدامه بهدف اللهو والمزاح مع الأصدقاء والمعارف، بينما يستخدمه آخرون لأغراض إجرامية خبيثة ترمي إلى الإساءة لسمعة الأفراد وتشويه صورتهم، وزعزعة استقرار المجتمعات الآمنة، لذلك، من الضروري أن يتحلى المجتمع بوعي وإدراك كافيين لأبعاد هذه التقنية وتأثيراتها المحتملة، وأن يكونوا على أهبة الاستعداد لتوقع كل الاحتمالات مع استمرار التقدم التكنولوجي المتسارع، وذلك قبل إصدار الأحكام النهائية وتصديق كل ما يتم تداوله من مواد مصورة أو مسموعة عبر مختلف وسائل التواصل الاجتماعي ومنصات الإنترنت المختلفة!

وخلاصة القول.. فإننا نعيش في عصر أصبح فيه الوعي الذاتي والمعرفة المتجددة سلاحاً ضرورياً وأداة لا غنى عنها في مواجهة ومجاراة التطورات المتسارعة في مجال التكنولوجيا الرقمية والذكاء الاصطناعي المتنامي!

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة